حكايات من بيت لحم – مشروع COBIAC
تم جمع هذه القصص خلال مشروع قامت بتنفيذه منظمة كوبياك وهي مؤسسة فرنسية غير ربحية، خلال الفترة ما بين نيسان إلى تشرين الأول 2008 في بيت لحم. وكان المشروع تحت إشراف الدكتور شريف كنعانة، وقامت برالين جيبارا بتدريب جامعي الحكايات، والتي قام بنسخها مؤيد الحاج
و جاعت (كلبظزاد) – أمل عمر
بلغني أيها القارىء السعيد ذو الكرش المديد أنه في زمن بعيد وبلد ليس بالبعيد، كانت هناك فتاه مليحة وزي القمر، إسمها أمل ولقبها عمر، لكن عقلها كان يصبح مهفوفا، كلما تأملت في المرآة عودها الذي كان ملفوفا، ثم تبدأ في الرقص بدلال على طريقة سامية جمال،وكانت حالما تظهر أو تبان، يشار إليها ويقال :ها هي غصن البان، كان يحلو لها أن يتنبأ البعض بأنها ستصبح راقصة متميزة وخليفة لفريدة فهمي. ومما يعجز عنه فهمي. ـنها في زمن أبعد من ذلك. أيام ما كانت تلعب الأولى. قصدي في مرحلة الطفولة، كانت هزيلة وشديدة النحافة، حتى أن أقرانها في المدرسة بمزج من الهيافة والسخافة كانوا يتناسون اسمها وينادونها (يا فتلة يا بوصة، ياعصعوصة) وسبحان من لا يتغير و يغير الأحوال، حولا وراء حول، ومرت الأحوال أي السنون، مراكمة على البوصة بعض اللحم وكثير من الدهون ولم تكن تلقى بالا لتلك الأمور، إذ أنها كانت لا تزال في مقتبل العمر، وفي الأعوام الأخيرة، ذاع صيتها، وباتت شهيرة، فكانت إذا مرت في شارع يهتز، وميدان التحرير بجسدها السمين يكتظ حتى إن نفس الناس بتوع زمان أطلقوا عليها ” كلبظ” لكن الأمر يا مولاي لم يقف عند هذا الحد، بل جعلت فداحته تشتد، واستفحل التخن وزاد حتى فاض على البلاد وضيقها على العباد، الذين سموها عندئذ كلبظزاد
مسكينة كلبظزاد – يا حول الله- تصور أنها كرهت تبص في المرآة، وإذ- بالمصادفة المحضة – مرت أمامها تروح في الحال ، مربوكة، حيث أنها ترى بدلا من سامية جمال. تحية كاريوكا، بعد أن لوى لها الزمان، بوزه وغنوا لها يا تخينة يا فشلة” في خلي بالك من زوزو وكان إذا بدا عليها أقل القليل من الخسية، يقول لها اللثام بسخرية: أنت اتمقتي كده ليه ؟ يالهوى ده أنت بقيتي قد ليلى علوي
وهكذا كان على ” كلبظزاد” أن تولجه عذابا كالجحيم، وذلك الجحيم يا مولاي لأمر جلل وعظيم يدعى بالرجيم، وهو نظام غذائي سقيم، لايسمح بأكل أكثر من الفتات، وفي كثير من المرات يؤدي – بدل من الرشاقة – إلى الهزال حتى الممات، أما عن كلبظزاد فطريقها إلى الرشاقة، هيهات هيهات، إذ كان الوقت قد عدى وفات، فبعد سن الثلاثين، يصعب أن تختفي الكيلوات الملاعين وتذهب كده في غمضة عين، بل بعد مرور العديد من السنين، يظل التخين ” تخين” وبالرغم من ذلك كانت كلبظزاد ذات الراس الناشفة بجد عنيدة، فما أن يسر لها أحدهم بفكرة لإنقاص الوزن جديدة، تغمرها فرحة شديدة وتقبل عليها بسرعة الرهوان . آملة ومستبشرة بالخسسان وكان ذات يوم من الأيام، أن سمعت طرطشة كلام، عن إبر سحرية يقال أنها في الأصل صينية، وقالوا أنها قادرة على أن تسد منافذ الجوع حتى عند أتخنها مفجوع، وكانت كلبظزاد إلى الحديث الشيق باهتمام مصغية بينما تلتهم البسبوسة بالقشدة وتبلع بزجاجة فاملي سايز من المياه الغازية، فما أن قضت بالكامل على الصينية حتى أخذت العنوان وطارت من فورها إلى الحكيم سرحان الذي كان له في أمرتلك الابرة المعجزة صيت، وشان وكان. وضع لها الإبر بطريقة فنية لتسد النفس، وتفقد الشهية، وبعد أن قام بهذه المهمة، وضع بيدها ورقة بعناية مطوية، وقال لها بلهجة جدية أنها في غاية الأهمية، إذ أنها تحتوي على نظام غذائي صارم، لكنه فعال، يسد جوع كل أهل الصومال، ويجعل من الفيل ” غزال” وفي الحال، عادت كلبظزاد إلى بيتها وهي تهز الأرداف، بينما قلبها من فرحة الأمل هفهاف، وفردت الورقة وهي غارقة في الأحلام وهي تتخيل لقبها الجديد ” غزالة” استحالة” ومن شدة ما كانت مفزوعة، راحت الورقة بين أيديها مقطوعة. واستمرت بالصراخ ” فطار كوب عصير فقط إنه لأمر جدا عسير، وده إيه ده كمان؟ غدايا حتة جبناية قريشاية وعود ونص جرجير وعشايا تلات فصوص برتقان أو جوافيا، لا لا لا ، النظام ده ما يمشيش معايا، وأخذت في اللطم والهذيان حتى راحت في نوبة إغماء، ولما لم يستطيع سكان المنزل بمعاونة الجيران رفعها إلى السرير، فلم يكن ذلك أبدا بالأمر اليسير ولن يفيد مهما كلف من العناء، فتركوها بحنان تنام على الأرض بعد أن فردوا عليها الغطاء
ولما طلع الصباح وعبير الفول والبيض أبو سمن في الجو فاح، صحت كلبظزاد على صوت أت من بطنها، يشبه النباح، فسلمت وقامت وهي تصيح بشىء من العصبية يا فتاح يا عليم وقررت أن تكون لتلك الرائحة الحبيبة متجاهلة، فأسرعت إلىعملها وهي مهرولة، وظلت على عهدها مع الحكيم سرحان، فقاومت إغراء أطباق الأكل من جميع الألوان، مهما حاصرتها بوحشية في كل مكان، ومر أسبوعان، أسبوعان يا مولاي من العذاب والصراع والشعور المرير بالهوان، وفي ليلة كحليلة عادت إلى بيتها وهي من الجوع والإرهاق “ول دن ” يعني مستوية، واتجهت إلى المطبخ وعادت ومعها عشاها، وجلست في الأنتريه وأختاها معاها، وأخذتا تنظران إليها بإشفاق وهي تمصمص فصوص البرتقال الثلاثة، بينما تعتصر حواشيها بين نهم واشتياق، ولما انتهت حمدت ربها و”باست” إيديها ” وش وضهر” لكنها سرعان ما شعرت بالقهر، فنظرت إلى أختيها بغلب ومسكنة، فرمقتاها بنظرة حنينة ، .. جعانة قوى، ثم فجأة اجتاحتها نوبة شعننة، فصاحت فيهما بعزم ما فيها: “أنا جعاااااانة” وراحت تنبش في أذنيها بعصبية، منقبة عن الابر المستخبية، وأخذت تصايح بجنان بعد أن استسلمت لحالة الهيجان : الحكيم اللي ما بتسمى. قال سرحان قال، فعلا إسم على ما يسمى سرح وأحول وحطلي بدل الأبر خوابير، وبدل ما يسد النفس فتحها لي صنابير، ومن ظلمه يغدينى بعود جرجير، والنعمة
أمل عمر
الرجل الأحمق – أخذت هذه القصص من كتاب سرد الحكايات والقصص
كان يا مكان في سالف العصر والأوان كان هناك شاب، كانت حياته تعيسة من يوم ولادته
كان في مدرسته يجلس دائما في المقعد الأخير، قلمه دائما مكسور، وفي كرة القدم لم يقبل ضمن الفريق، وكان يتعثر برباط حذائه عند المسير، وكان يمكن أن تسمع دقات قلبه عندما يشاهد فتاة. لم تكن تنظر إليه أي فتاه، وللأسف لم تنبت له لحية ولا شارب
جلس في إحدى الممرات وبدأ يتأمل ويفكر بحياته التعيسة وقرر أن يبحث عن الحظ الذي قد يبدل حياته وينقذه من التعاسة. نظر حوله، وبحث عن كل مكان تحت الطاولة، تحت الخزانة، وبين أواني المطبخ، وبين ملابسه في النملية، وللأسف لم يجد حظه. وبدأ يسأل عن حظه، ويدور ويسأل، وأخيرا قرر أن يذهب إلى نهاية العالم
ليبحث عن حظه
ضرب رجليه في الأرض، ومشي و مشي أيام وليال طويلة، حتى وصل إلى غابة كبيرة مشى ومشى في الغابة حتى وصل ممرا ضيقا، هناك، شاهد شيئا يشبه فروه صغيرة متسخة، اقترب شيئا، فوجد كائنا يتنفس، ورأى أطراف الفروه وقد تعفنت،إنه ذئب، لا هو حيي، ولا ميت. نظر الشاب فرأى عيني الذئب الغائرتين تنظران إليه وهما نصف مغمضتين. تنهد الذئب وسأل : “آه آه أيها الشاب، من أنت وأين تذهب” أجاب الشاب: ” أنا أبحث عن حظي ؟وأنت؟ ” قال الذئب : ” أنا ليس الحظ، إذا سألت عن حظك أرجوك أن تسأل لي عن حظي؟ ” ترك الشاب الذئب بعد أن وعده بأن يسأل له عن حظه
مشى ذو الحظ التعيس أيام طويلة، وليال طويلة، حتى وصل إلى فسحة في الغابة ليس فيه سوى شجرة طويلة وضعيفة، سقطت أوراقها ولم يبق سوى ورقتين اثنتين، وبينما كان الشاب يصفر ويمشى سقطت إحدى الورقتين، فقالت الشجرة: ” هيه، هيه، مرحبا يا شاب ، أين تذهب ؟ ” فقال: ” أبحث عن حظي . فسألت الشجرة: وهل يمكن أن تبحث لي معك عن حظي، وأن تسأل لما أنا ضعيفة هكذا؟
وافق الشاب ومشى بين الحقول الخضراء الواسعة باحثا عن حظه، وبينما كان يمشي رأى من بعيد كوخ جميل محاطا بسور صغير، وحديقته مليئة بالأزهار، وأشجار الفاكهة، والخضار الناضجة . ومن وسط الحديقة، كان يمر جدول ماء، كانت جدران الكوخ مدهونة باللون الأبيض، وبوابته مزينة بالورد الأحمر، كان الكوخ جميلا جدا (مثل كل الأطفال الموجودين في هذه الغرفة) والأجمل من كل هذا، تلك الصبية التي كانت تعتني بالحديقة، حينما شاهدته قالت :” مرحبا” . فقال : ” مرحبا” فقالت : ” يمكن أن تأتي وتأكل ما تريد” . فقال: ” الأفضل أن نتناول الشاي ” . جلسا معا وأكلا و ضحكا معا، كانت ابتسامة الفتاة مثل الشمس بعد العاصفة، تنهدت الصبية حزينة، ،وقالت” اه اه ” . سأل الشاب : ” ما الأمر؟” فقالت “مسرورة بوجودك معي، لكنك سترحل وتتركني وحيدة، حزينة، وبلا حظ ” ، فقال” أنا ذاهب أبحث عن حظي، إذا كنت تريدين أن أبحث لك عن حظك فسأفعل”
مشى الشاب و مشى أياما طويلة، وليال طويلة ، وسط الغابات والأنهار، عبر السهول والوديان ، حتى وصل إلى نهاية العالم، وقف على حافة العالم ونظر إلى الفضاء ونادى بأعلى صوته
ماذا أعمل حتى أجد حظي؟” وفجأة سمع صوتا عاليا ينادي يجب أن تكمل المشوار ، يجب أن تستمر في بحثك، وأن تفتح عينيك وتستعمل عقلك وحظك يأتي أليك ” . فقال الشاب : ” شكرا ومشى. قال الصوت ” إحم إحم إحم ألم تنسى شيئا ؟” فتذكر الشاب أنه يجب أن يسأل أسئلة عن الذئب، والشجرة ، والصبية ،وأخذ الأجوبة ، واستدار راجعا إلى الخلف، وضرب رجليه في الأرض ووجهه إلى الشمس، ومشى ، ومشى حتى وصل إلى الكوخ الأبيض . حينما رأته الصبية الجميلة سألت : ” هل وجدت حظك ؟” فقال: ” أنت وحيد لأنه ليس عندك زوج ” فقالت : ” لأنه ليس هناك رجال هنا، وجميع الرجال الذين مروا هنا لم ينالوا إعجابي” ثم قالت : ” هل تتزوجني؟ أنا سأقوم بكل الأعمال ، وسأطبخ لك ، وسأرتب البيت ، وأعمل كل شيء ، قال الشاب : ” لا لا لا أنا أسف لأنني يجب أن أكمل مشواري وأجد حظي” . ترك الشاب الصبية ومشى ومشى حتى وجد الفسحة الموجودة وسط الغابة، هناك وجد الشجرة ولم يعد عليها سوى ورقة واحدة فقط، وحينما اقترب الشاب منها سقطت الورقة الأخيرة الموجودة عليها فقالت : ” هل سألت عن حظك ؟ ” فقال لها يجب أن أكمل المشوار وأن أفتح عيني وأن أستعمل عقلي” . ” وماذا عني ؟ ” سألت الشجرة . قال : ” من عصور طويلة دفن كنز هنا ، ولذلك ليس هناك مجال لجذورك أن تتغذى وتنمو ، فعليك أن تجدي من يحفر ويبعد الكنز عنك ” فقالت الشجرة : ” يوجد قربي فأس ، بإمكانك أن تحفر وتأخذ الكنز لك ، لا أريد شيء منه ” . فقال لها لا يوجد عندي وقت ، يجب أن أكمل المشوار” . ومشى كثيرا حتى وصل الذئب، نظر إلى الذئب الضعيف الذي أصبح أكثر ضعفا، بل أصبح على حافة الموت، لم يقدر الذئب أن يفتح عينيه وبصعوبة فتح عينا واحدة، وسأل الشاب : : هل سألت عن الحظ ؟ ” فأجاب الشاب : ” يجب أن أكمل مشواري، وأن أفتح عيني وأن أستعمل عقلي ” . فقال الذئب : ” وماذا عني؟” فقال الشاب : ” أنت جائع ويجب أن تأكل أول أحمق يمر في طريقك ” ، وهذا بالضبط ما فعله الذئب
*نماذج الحكايات التي تم التدريب عليها ومناقشتها خلال ورشات العمل
أخذت هذه القصص من كتاب سرد الحكايات والقصص _ دليل تدريب
الديكان – أخذت هذه القصة من كتاب سرد الحكايات والقصص _ دليل تدريب
في إحدى القرى القريبة عاش ديكان معا، كانا ينامان أحدهما بجانب الآخر على ظهر القن، أحدهما كان كبيرا وجميلا وذا صدر كبير وجميل، مغطى بريش ذهبي وأخضر، رجلاه طويلتان، كان منقاره ملونا وعيناه تلمعان وعرفه الأحمر قوي ومرتفع، وإضافة إلى ذلك كان صوته عاليا.
أما الديك الآخر فكان ضعيفا وكانت رجلاه معوجّه غير مستقيمتان وريشه ضعيفة، ولونه رمادي، ومنقاره غير قوي، وعيناه غائرتين، وعرفه منحن، وصوته رفيع، أرفع صوت يمكن أن تتصوره، وصياحه أضعف شيء يمكن أن تكونوا قد سمعتموه
كل صباح يستيقظ الديك الهزيل ويصيح بصوته الضعيف، فيوقظ الديك الكبير الذي يصيح بصوته القوي، فيستيقظ كل شخص في القرية على صوته، فينهض ويفتح الشبابيك. كل الناس كانوا يحبون الديك الكبير، فهو جميل ويوقظهم في الصباح، وكانوا يلاعبونه، ويقدمون له الأكل اللذيذ
في حين كان الديك الآخر حينما يصحو في الصباح يبدأ بتحريك الأعشاب برجليه باحثا عما تبقى من أكل الديك الكبير، فيأكله. فكر الديك الضعيف أن هذا ليس عدلا، ويجب أن يتغير، وعلى الناس أن تلاعبه وتقوم بتدليله كما تدلل وتلاعب الديك الكبير، ويجب عليه أن يعمل شيئا
في اليوم الثاني استيقظ الديك الضعيف حينما كان القمر في منتصف السماء، وصاح بصوته الضعيف كو كو كو، فاستيقظ الديك الكبير وصاح بصوته الكبير: كو كو كو استيقظ الناس، وفتحوا شبابيكهم، وعندها وجدوا أن الظلام دامس ولم يطلع الصباح بعد، فرجعوا إلى النوم ولكنهم لم يقدروا على النوم، في الصباح ذهبوا إلى أعمالهم وهم متعبون، ولم يقدروا أن يعملوا بالشكل الصحيح، وحينما رجعوا إلى بيوتهم قرروا التخلص من الديك. وأنتم تعرفون كيف يمكن التخلص من الديك . قال أحدهم ( لماذا تريدون ذبحه، … الديك جميل ويمكن أن نبيعه لقرية أخرى؟ ) وفعلا قاموا بأخذ الديك وبيعه بنقود كثيرة
في صباح اليوم الثاني ، استيقظ الديك الصغير وصاح بصوت ضعيف: كو كو كو، لم يسمعه أحد، ولم يستيقظ أهل القرية، بقيت الشبابيك مغلقة، لم يذهب الناس إلى أعمالهم كالعادة
ففكر الديك وقال إذا لم أوقظ الناس فسيتخلصون منى، ولا يمكن أن يبيعوني لأني لست جميلا، إنما سيقومون بذبحي. وحينما حل الظلام تسلل الديك الصغير هاربا إلى القرية الأخرى، ومشى طويلا حتى وجد صاحبه. وفي الصباح ، صاح الديك الصغير و أيقظ الديك الكبير، وأيقظ الناس.
هل هناك أفضل من أن يكون عندنا ديك كبير وديك صغير، كل صباح يصيح الديك الصغير ويتبعه الديك الكبير بصياحه بصوت عال ويوقظ الناس، وهكذا عاش الاثنان معا
*نماذج الحكايات التي تم التدريب عليها ومناقشتها خلال ورشات العمل
أخذت هذه القصص من كتاب سرد الحكايات والقصص _ دليل تدريب
اسمي لوكس – الطفل لوكس
أحب الغيم الأزرق،لأنه يذكرني بالبحر، أشم رائحة جدتي التي تقطن هناك، لا أحب المدينة
هكذا قال ” لوكس” ذو العينين البنيتين، والذي التقيته، هناك في أعلى الجبل”سواشا” في العاصمة الكولومبية بوغوتا هووفرديناند، صديقان لا يفترقان، وبينما كان فرديناند الكلب الصديق للوكاس يقعد أمامي هازا ذيله الغليظ، راح لوكس يحملني عبر حكاياه إلى البحر في” ميديين” وإلى النزعات المسلحة في ” سواشا” حيث بات هو جزء لا ينفصل عن المأساة
أبي كان يعمل صيادا في ميديين، كنت أحب البحر، أحب رائحة أبي، وهو يحملني إلى القارب الصغير، كي أساعده في الإجازة الصيفية في الصيف وتعبئة الأسماك، جدتي كانت تحيك لي ملابسي، وكنت أرتاد مدرسة صغيرة، في أطراف القرية، ما زلت مفتونا بأخي الأكبر، الذي كان يحكي لغة مغايرة لما نسمعه في قريتنا، كان يقول أشياء عن المساواة، والحرية، إلا أنه في وقت ما بات مصدر قلق لأبي الفقير ولجدتي التي تلعب دور أمي بعد وفاتها
في اليوم الذي أتو فيه، حاملين أسلحتهم، وبنادقهم، يتسترون في الظلام، كان أبي بالخارج و جدتي نائمة، لكني رأيتهم يتحدثون مع أخي، ويحتدون، وشاهدت للمرة الأولى السلاح المخبأ في زاوية المنزل المهملة، حمله أخي وقبلني قبلة باتت هي الأخيرة
حين عاد أبي ووسط دموعي أخبرته بما جرى، أبي الذي يحمل عبء السنين فوق كاهله، بكى للمرة الأولى أمامي، وخرج يبحث عن أخي
في ليلة موحشة ، كنت لم أزل ألعب مع صبية الحي، وأتى الظلام مبكرا، عرفنا من البعض أن هناك معركة تدور في الأحراش بين ” المتمردين” والقوات الحكومية، كنا نحن الصغار قد اعتدنا على سماع زخات الرصاص تأتينا من الأحراش القريبة من مصب النهر، وكنا عادة ما نقوم بتقسيمنا إلى فريقين “الثورة” والحكوميين، وكنت عادة في صف الثورة
في هذه الليلة شعرت أن ثمة أمر ما سيحدث، جاء جنود كثر إلى بيتنا، يحملون أسلحة وهراوات، ألقوا القبض على أبي، وعرفت منهم أن أخي قتل في معركة الأحراش، أخذوا أبي، وجدتي التي لم تقو على النهوض، صارت تبكي بشكل هستيري، ضربونا بقسوة فيما كنت أدافع عن أبي.. في الظلام ذهبوا ومعهم أبي
الأيام التالية كانت أقسى الأيام، جدتي لم تزل طريحة الفراش، أبي لم يزل هناك منذ أخذوه في جنح الظلام، أخي تم تأكيد موته وهو يقاتل مع المتمردين، وأنا ابن الثامنة
لم أجد ما يسد رمقي، وظللت في انتظار أبي وأخي الذي لن يعود
بعد أكثر من شهرين، لم يعد أبي وتدهورت صحة جدتي، كان الجيران يرعوننا، إلى أن ماتت جدتي، وأصبحت وحيدا
أحب جبل سواشا ، لأنني أحن إلى رائحة البحر، لي أصدقاء كثيرين ولكن أقربهم هو فرديناند كلبي، منذ أن أتيت إلى أحدى الجمعيات الأهلية، أسكنونى أحد المنازل هنا مع أصدقاء كثيرين عرفت منهم، أنهم مثلي من ضحايا النزاع المسلح
تعلمت هنا أن أتسامح، وأن أحب أصدقائي، وأن أتعلم، في المرات القليلة التي رأيت فيها المتمردين الذين يسيطرون على جبل سوشا، كنت أشتم رائحة أخي والبحر وأبي الذي لا أعرف عنه شيئا
ليس أمامي سوى أن أهمل ما فات من عمري كي أتمكن من أحيا، سأفعل شيئا لكي أحمي الصغار من هذا المصير
نسيت أن أقول لك
أسمي لوكس
المصدر الأساسي للحكاية هو الطفل لوكس الذي التقيته في جبل سواشا – بوغوتا – كولومبيا ، لغة الحكي الإسبانية. التقيته في مايو – أيار 2006 وكتبت الحكاية في أكتوبر 2006
حسام كاسب save the children- UK
الديك الهادر – حكاية شعبية فلسطينية
كان يا ما كان، زمان زمان، في أحلى مروج فلسطين، يا سامعين الكلام، وبالتحديد في مرج ابن عامر، كان في ديك إسمه الديك الهادر. في يوم من الأيام طلع يبحث عن طعامه في البيادر، فوجد حبة قمح، التقطها وراح يمشي ويمشي إلى أن رأى إمرأةً عجوز تطحن القمح. قال الديك للمرأة: (خذي قمحتي هذه واطحنيها مع قمحك
تناولت المرأة القمحة ووضعتها في الطاحون وشكرت الديك كثيراً. ذهب الديك وعاد بعد قليل وقال للمرأة: أعطيني قمحتي). دُهشت المرأة وقالت: (أنت أعطيتني إياها، وأنا طحنتها مع قمحي). قال الديك
أنا الديك الهادر
طلعت على البيادر
بحثت بحثت
لقيت حبة قمح
وحبة القمح بحفنة طحين
غرفت المرأة بكفيها كمية من الطحين وأعطتها للديك، فأخذ الديك يمشي ويمشي حتى وصل إلى فرن كان فيه خباز يعجن الطحين. قال الديك: (خذ هذا الطحين وأعجنه مع عجينك إن أردت). شكره الخباز وأخذ الطحين وخلطه بطحينه. وذهب الديك وغاب قليلاً ثم عاد إلى الخباز وقال: (أريد طحيني يا خباز). قال الخباز: (أنا خلطت طحينك مع طحيني وخبزته، فكيف أعطيك طحينك؟). قال الديك
أنا الديك الهادر
طلعت على البيادر
بحثت بحثت
لقيت حبة قمح
وحبة القمح بحفنة طحين
وحفنة الطحين برغيف
أعطى الخباز للديك الرغيف، فأخذ الديك يمشي ويمشي ويمشي حتى لقي جماعة يقتلعون بصلاً أخضر، ويضمونه في حزم صغيرة. قال الديك: السلام عليكم يا أصحاب حقل البصل
ردَّ أصحاب الحقل: (وعليك السلام أيها الديك الهادر). قال الديك: خذوا هذا الرغيف إن شئتم
قال أصحاب الحقل: (شكراً للديك الهادر). تظاهر الديك بأنه ابتعد عنهم وراح يراقبهم، وعندما تأكد من أنهم أكلوا الرغيف عاد وقال: (أنا قد جئت لآخذ رغيفي). تعجب أصحاب الحقل، وقالوا في صوت واحد: (لقد أعطيتنا الرغيف، وأكلناه). قال الديك
أنا الديك الهادر
طلعت على البيادر
بحثت بحثت
لقيت حبة قمح
وحبة القمح بحفنة طحين
وحفنة الطحين برغيف
والرغيف بحزمة بصل
أعطى أصحاب الحقل للديك حزمة البصل. وراح الديك يمشي ويمشي ويمشي حتى وصل إلى جماعة يملأون العسل في جرار صغيرة. قال الديك: (خذوا حزمة البصل هذه). فأخذوها وهم يشكرون الديك. راقبهم الديك دون أن يروه، وعندما انتهوا من أكل حزمة البصل، عاد وقال: (أريد حزمة البصل). قال أصحاب العسل: (أية حزمة بصل هذه؟!) قال الديك: حزمة البصل التي أعطيتها لكم. قال أصحاب العسل: (لكننا أكلناها). قال الديك
أنا الديك الهادر
طلعت على البيادر
بحثت بحثت
لقيت حبة قمح
وحبة القمح بحفنة طحين
وحفنة الطحين برغيف
والرغيف بحزمة بصل
وحزمة البصل بجرة عسل
أعطى أصحاب العسل الديك الجرة عسل صغيرة، فحملها، وراح يمشي ويمشي ويمشي، فلقي جماعة من الرعاة يرعون قطيعاً من الأغنام، وبعد أن ألقى الديك عليهم السلام، قال: (خذوا جرة العسل هذه). أخذ الرعاة جرة العسل، وابتعد الديك الهادر قليلاً، ثم اختبأ وراح يراقبهم، وحين تأكد أنهم أكلوا العسل، عاد وهو يتمايل في مشيته وقال: (أريد جرتي وعسلي). ضحك الرعاة وقالوا: (أنت تمزح، لأنك أعطيتنا العسل وأكلناه). قال الديك
أنا الديك الهادر
طلعت على البيادر
بحثت بحثت
لقيت حبة قمح
وحبة القمح بحفنة طحين
وحفنة الطحين برغيف
والرغيف بحزمة بصل
وجرة العسل بسخلة
تطلع الرعاة إلى بعضهم في عجب، وضربوا كفاً بكف، ثم أعطوا الديك عنزةً صغيرةً. ساق الديك السخلة أمامه، وراح يمشي ويمشي ويمشي حتى وصل إلى جماعة يرقصون ويغنون: (يا شمس غيبي من السما عالأرض في عنا عريس) ويزغردون فرحين. سأل الديك أحد المشاركين: (ما الأمر ما هذا الهرج والمرج؟. رد عليه الرجل قائلاً أنه حفلة العريس، وهذه طريقتنا الفلسطينية لمشاركة العريس فرحته. ذهب الديك إلى أهل العريس وقال لهم: (خذوا هذه السخلة الصغيرة إن أردتم). شكر أهل العريس الديك كثيرا، ومضى الديك واختبأ خلف شجرة وراح يراقبهم من بعيد، وبعد أن تأكد أنهم أكلوا السخلة الصغيرة عاد إليهم قائلاً: أريد سخلتي الصغيرة التي تركتها عندكم. تعجبوا كثيراً وقالوا:لقد أكلناها وأطعمنا زوارنا….
فأخذ الديك يبكي ويصيح، وهم في حيرة شديدة، ثم قال الديك
أنا الديك الهادر
طلعت على البيادر
بحثت بحثت
لقيت حبة قمح
وحبة القمح بحفنة طحين
وحفنة الطحين برغيف
والرغيف بحزمة بصل
وجرة العسل بسخلة
والسخلة ببقرة
وأعطى أهل العريس الديك بقرة صغيرة خوفاً من الفضيحة، أخذ الديك البقرة وراح يسير ويسير ويسير حتى وجد حشداً كبيراً من الناس يغنون (عروستنا الحلوة يا نيساني يا حلوة) ويرقصون ويزغردون. سأل الديك أحد الواقفين: (ما الخبر؟!) قال الرجل: (هذه حفلة العروس كما ترى؟) تقدم الديك وقال لأهل العروس: خذوا بقرتي إن شئتم
فرح أهل العروس، وشكروا الديك وحاولوا أن يبقوه معهم، إلا أن الديك اعتذر وابتعد قليلاً، وحين تأكد أنهم انتهوا من أكل البقرة، عاد ليقول: (أريد بقرتي الصغيرة). قال أهل العريس: لقد عملنا وليمة عليها وأكلناها. أخذ الديك يبكي ويصيح ويرتمي على الأرض وهو يبكي ويصيح: (لقد وضعت بقرتي عندكم لا لتأكلوها وإنما لتحتفظوا لي بها). قال أهل العروس: (ما العمل بعد أن أكلناها؟) قال الديك
أنا الديك الهادر
طلعت على البيادر
بحثت بحثت
لقيت حبة قمح
وحبة القمح بحفنة طحين
وحفنة الطحين برغيف
والرغيف بحزمة بصل
وجرة العسل بسخلة
والسخلة ببقرة
والبقرة بتاج العروس
أعطى أصحاب العرس تاج العروس للديك.. أخذ الديك التاج وكان سعيداً جداً لأنه حصل على تاج العروس مقابل حبة القمح التي عثر عليها في البيادر
ومنذ ذلك الوقت ولجميع الديوك في العالم (وليس فقط في فلسطين) عُرف أحمر (قنزعة) فوق رؤوسهم